الخبرية
قد يكون الانعزال الاجتماعي إجراء ضرورياً للحفاظ على الصحة العامة في محاولات الدول الحثيثة لمقاومة فيروس الكورونا، لكن لا بد أن نُسلِّم بأنَّ له تبعات سلبية محتملة على الصحة النفسية للأشخاص.
تشمل إجراءات التباعد الاجتماعي للوقاية وحماية الآخرين من فيروس كورونا المستجد، العمل من المنزل إذا أمكن، وعدم التردد على المطاعم والمسارح ومراكز التسوق وغيرها.
بل في بعض الدول مثل إيطاليا وإسبانيا، يلزَم الناس بيوتهم في إغلاق تام للدولة، وتستخدم الشرطة طائرات من دون طيار لردع الأشخاص الذين يخرجون إلى الشوارع.
كورونا والصحة النفسية
وفي هذا السياق، نشرت منظمة الصحة العالمية، يوم الأحد 15 مارس، دليلاً إرشادياً عن الصحة النفسية للأشخاص الذين يمكثون في عزل ذاتي انفرادي، وقالت فيه: “وقت الأزمة الحالي يخلق شعوراً بالتوتر بين السكان”.
إذن، ما الذي يجب عليك فعله إذا تأثرت صحتك النفسية خلال العزل الذاتي؟
هل هناك طريقة تضمن بها حماية سلامتك الصحية والعاطفية خلال الفترة التي تبقى فيها بمفردك والتي قد تمتد فترة طويلة؟
خصِّص وقتاً من يومك للمهام البسيطة
تقول الطبيبة لوسي أتكسون، اختصاصية الإرشاد النفسي، إنَّ واحدة من المشكلات الأساسية التي قد تحدث خلال العزل الذاتي هي أننا نبدأ في الاشتياق إلى “المهام البسيطة” التي نؤديها عادةً خلال يومنا من دون حتى أن ندرك ذلك.
وتقول لصحيفة Independent البريطانية: “في طريقك للعمل، قد تذهب إلى مقهاك المفضل أو تلقي التحية على شخص في الشارع، وهذه هي الأشياء البسيطة التي تتخلل يومنا وتساعد على رفع معنوياتنا من دون أن ندرك ذلك حتى”.
وأضافت الطبيبة لوسي: “حين تكون بمفردك في المنزل، لا يحدث ذلك، والأثر التراكمي لهذا هائل، وبالأخص إذا استمر ذلك أسبوعين. لذا علينا أن نبتكر مهام بسيطة، وأن تكون شيئاً يمنحنا شعوراً بالإنجاز. وقد يكون ذلك تمريناً جديداً، أو تعلُّم القليل عن لغة جديدة، أو تحدّث إلى شخص عبر تطبيق FaceTime، أو الانضمام إلى مجموعة لقراءة الكتب عبر الإنترنت”.
حافِظ على نظام غذائي صحي
عندما تكون في المنزل، قد يكون من المغري الاكتفاء بالجلوس على الأريكة دون حركة، وتناول وجبات غير متوازنة وخفيفة طوال اليوم باعتبار ذلك وسيلة للترفيه عن النفس.
لكن إيما كارينغتون، مديرة المشورة والمعلومات في مؤسسة Mental Health UK، تقول: “ابذل قصارى جهدك لتناول طعام صحي. إذا لم يكن لديك من يمكنه إحضار الطعام إليك، فراجِع ما إذا كان يمكنك الاشتراك في خدمة توصيل الطلبات إلى المنزل من السوبر ماركت الموجود بمنطقتك”.
وأضافت كارينغتون: “ابحث عن أية جماعات دعم مجتمعية في منطقتك يمكنها أن تقدم الدعم لك فيما يتعلق بالتسوق لشراء احتياجاتك”.
تواصَل مع الطبيعة
يوصي ستيفن باكلي، رئيس قسم المعلومات في مؤسسة Mind الخيرية، بضرورة التعرض للعالم الخارجي وممارسة الرياضة قدر الإمكان ضمن الحدود الآمنة.
ويقول: “صحتنا الجسدية وصحتنا العقلية مرتبطتان بعضهما ببعض؛ لذا حاوِل اتباع روتين يتضمن ممارسة بعض التمارين البدنية”.
وأضاف باكلي: “على الرغم من أنه لا يمكنك قضاء الوقت مع الآخرين، حاوِل الاستفادة لأقصى درجة ممكنة من المساحات المفتوحة الخاصة بك، مثل النافذة أو حديقة المنزل -إن كانت لديك واحدة- إذ إن وجودك بالقرب من الطبيعة يساعد على سلامتك”.
وإذا استطعت، فافتح النافذة أيضاً ودع الهواء النقي يدخل إلى غرفتك.
حافِظ على بعض الروتين
هل تجد نفسك تقضي طوال اليوم بملابس النوم أو تتذكر في الساعة الـ3 مساءً أنك لم تغسل أسنانك في الصبح، لأنك كنت تعلم أنك لن ترى أي شخص؟
على الرغم من أنه قد يكون من الجيد الشعور بالكسل على المدى القصير، فإنه غير صحي على المدى الطويل لصحتك العقلية.
وتقول إيما كارينغتون: “بقدر استطاعتك، حاوِل الحفاظ على نظام روتيني. واستيقِظ واخلد إلى النوم في أوقات صحية؛ لضمان الحصول على قدر كافٍ من النوم”.
على الرغم من رغبتك في الحفاظ على روتين معين، تحذّر الطبيبة لوسي من الوقوع في دائرة مفرغة من النوم والعمل والأكل.
لا تكتفِ بالجلوس أمام الشاشة.. نوِّع أنشطتك
الجلوس أمام شاشةٍ طوال اليوم -سواء للعمل أو المتعة- ليس أفضل طريقة لقضاء فترات طويلة من الوقت، وبالأخص لأنَّ الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة، مثل الهواتف الذكية، يمكن أن يعيق نومك وراحتك بشكل عام.
وضعت Anxiety UK، وهي مؤسسة خيرية تساعد الأشخاص الذين يعانون من القلق، قائمة بأنشطة العزل الذاتي لتنويع ما تفعله بالمنزل في الأسابيع القادمة.
وتشمل القائمة:
تحميل مدونات صوتية
مشاهدة مجموعة من التسجيلات لبرامج أو أفلام أو غيرها
الحياكة
محاولة التأمل
ممارسة الفنون والحِرف اليدوية
تجربة وصفات جديدة
تعلُّم هواية جديدة مثل الأوريغامي
الحديث مع الأصدقاء عبر Skype أو أي تطبيق مشابه
الطهي
الكتابة
قراءة الكتب
تصليحات بالمنزل
القيام ببعض أعمال البستنة
ابقَ على تواصل مع الآخرين
الأهم من هذا كله أنَّ عزل نفسك لا يعني بالضرورة الانقطاع تماماً عن الآخرين. “إذا بدأت تشعر بأنك تعاني، خصِّص بعض الوقت للاتصال بصديق أو فرد من العائلة. تحدث عن مشاعرك”.
توصي منظمة الصحة العالمية أيضاً بالحفاظ على شبكتك الاجتماعية في أثناء العزلة الذاتية.
وتقول: “حتى عندما تكون معزولاً، حاوِل قدر الإمكان الحفاظ على روتينك اليومي الشخصي أو وضع روتين جديد. وإذا كانت السلطات الصحية قد أوصت بالحد من الاتصال الاجتماعي الجسدي لاحتواء تفشي المرض، فلا يزال بإمكانك البقاء على اتصال إلكترونياً بالآخرين”.
قلِّل من الاطلاع على الأخبار
إذا وجدت أنَّ التغطية المستمرة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع لأنباء فيروس كورونا المستجد، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، تؤثر على صحتك العقلية، فيمكنك تجنب ذلك.
تقول منظمة الصحة العالمية: “إنَّ التدفق شبه الدائم للتقارير الإخبارية حول تفشي المرض يمكن أن يجعل أي شخص يشعر بالقلق أو التوتر”.
وتضيف المنظمة: “حدِّد أوقاتاً معينة في يومك تطَّلع فيها على آخر المعلومات والدلائل الإرشادية المفيدة من خبراء الصحة وموقع منظمة الصحة العالمية، وتجنَّب الاستماع إلى الشائعات التي تُشعرك بعدم الراحة أو متابعتها”.
لا تنزلق في دوامة السلبية
تقول لوسي أتكسون إنَّ من أخطر الأشياء على صحتك العقلية استغراق وقت طويل في التفكير في حياتك بطريقة نقدية.
وتوضح: “عند عزل نفسك، يصبح لديك كثير من الوقت للتفكير، ومن الشائع جداً أن ينتهي بك ذلك للشعور بعدم الرضا عن الحياة. يمكنك البدء في عملية العزل بإحساس من الهدوء ومن دون هوس النظافة، لكن تدريجياً تبدأ في التحول. فتدخل في دوامة مستمرة من انتقاد حياتك ونفسك، لذا يجب أن تتجنب تلك الدوامة الإدراكية السلبية”.
ـ المصدر: عربي بوست