صورة الثقافة الشعبية في مقرراتنا المدرسية

25 يناير 2022
صورة الثقافة الشعبية في مقرراتنا المدرسية
د الحبيب ناصري

المحلية اليوم، مدخل أساسي لتقوية مناعة المتعلم في عولمة مرعبة تطحن الأخضر واليابس، وتبحث عن تعليب كل مظاهر الحياة وبيعها حتى ولو كان ذلك على حساب قيم وثقافة الإنسان !.

في ثمانينيات القرن الماضي، أنجزت، صحبة الصديق العزيز سي عبد الرزاق مركوك، بحثًا للتخرج من المدرسة العليا للأساتذة معنونا ب” إمكانية تدريس الأدب الشعبي بالتعليم الثانوي”. اشتغلنا على العديد من النماذج الشعبية التي من الممكن تدريسها للمتعلمين.

بحث كانت الغاية منه لفت الانتباه إلى غياب أو تغييب أي صلة بهذا المكون في مقرراتنا الدراسية.

لا أثر واضح وهادف لأدبنا الشعبي في أي مورد من موارد مادة اللغة العربية التي يتعلمها المتعلم في أي مستوى دراسي من مستويات التعليم الثانوي. اليوم، ومن زاوية واسعة تتعلق بالثقافة المغربية الشعبية، وبكل محتوياتها، لا وجود لها في كل محتويات مادة اللغة العربية وغير هذه المادة، وفي كل الأقسام الدراسية بالتعليم الابتدائي والاعدادي والثانوي. قد يرد علينا أحدهم أن هذا سيؤدي الى الانزلاق نحو اللغة المغربية العامية و”اشكاليات تعلمها”. وآخر سيقول، المدرسة لتعلم الفصيح وما له صلة بالفصيح.

والآخر قد يقول إن هذه الثقافة”مدنسة”، والمدرسة وظيفتها تعليم” المقدس”، وآخر قد يقول إن هذه الثقافة لا عقد ازدياد دقيق لها، فلا نعرف لا من قال هذا المثل الشعبي ولا من قال هذه الحكاية الشعبية ولا من غنى هذه العيطة، الخ. مدرستنا لا زالت تعلم العديد من المحتويات التعلمية من زاوية تحقيبية تاريخية مبنية على من كتب هذا النص في مرحلة زمنية معينة دون القدرة على خلق محتويات تعلمية وفق “معايير” ذوقية تربوية جمالية وطنية وانسانية، الخ ؟. الثقافة الشعبية غنية بكل محتوياتها ودلالاتها.

لها العديد من الوظائف النفسية والاجتماعية والذوقية والقيمية والتربوية، الخ ، الممكن تحقيقها ونحن ندرج بعض عناصرها ضمن مقرراتنا الدراسية وفي مادة اللغة العربية على سبيل المثال والشيء نفسه قد يقع ضمن مواد دراسية أخرى كالتاريخ والفلسفة والتربية الإسلامية، ومن زوايا عديدة تخص طبيعة ووظائف ومهام هذه المواد.المحليةو/أو الجهوية الثقافية الشعبية، وفي ظل اختيار المغرب لتدبير شؤونه بهذه الطريقة الجهوية الموسعة، وسيلة أساسية قادرة ومؤدية لتربية المتعلم على معرفة بعض خصوصياته الثقافية المحلية والجهوية، بما فيها طبعًا الثقافة الشعبية بشكل عام.

مجرد التفكير في كيفية ادماج الثقافة الشعبية في بعض محطات مقرراتنا الدراسية قد يفتح بابا للنقاش بين رافض وبشكل مطلق لهذا النقاش وبين مدافع عنه، لكون ثقافتنا الشعبية المغربية، وفي كل مدنها وقراها وجبالها وصحاريها، الخ، على الأقل سيتعلم منها المتعلم كيف أن ذاكرتنا الجماعية هي من حكت وغنت ورقصت ودافعت عن الوطن وتسامحت وتعايشت، الخ.

سيجد العديد من أشكال الفرجة الجماعية حاضرة أيضا في هذه الثقافة الشعبية. سيدرك قيمتهاوسيثمنها وسيعتز بها وهو المفتون بغنائها الشعبي الحاضر اليوم في أنماط موسيقية عديدة.ما المانع من ادراج ولو عناصر قليلة ضمن مقرراتنا الدراسية من هذه الثقافة الشعبية المغربية العريقة والتي هي مصدر من مصادر فهم هذه الذات المغربية الغنية في ثقافتها العالمة والشعبية ؟.

هي فرصة أيضا للحفاظ عليها وجعلها حاضرة ضمن التفكير التربوي المغربي وبشكل دائم. كيف من الممكن تحصين ذات المتعلم واشباعه بذاته المحلية، دون جعلها من ضمن ما يتعلم؟. إعادة النظر في طبيعة ما نعلم لابنائنا، خطوة لابد منها، لاسيما في زمن التيه العالمي الذي نعيشه والعولمة ومحاصرتنا بأشكال تكنولوجية عديدة تصنع العديد من الغباء الذي، لا قدر الله، قد يصبح معيارا حياتيا جديدا ومطلوبا .

* كاتب مغربي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق