لا أنفي إصرار المديرية الاقليمية للثقافة على الوفاء بتنظيم المعرض الجهوي للكتاب في نسخته الثالثة عشر، وهو أمر محمود في مدينة العتمات والعقبات الكأداء التي تحيط بنا من كل جانب، نتيجة تراكمات سلبية وقرارات سياسية هوجاء، جعلت المدينة أرضا خرابا كما شرحها الكاتب طوماس إليوث.
لكن في نفس الوقت، نسجل بامتعاض واستياء كبيرين ما يشهده المعرض من كل الجوانب، سواء ما تعلق بصورة الملك في بُعدها الرمزي، التي تكاد تسقط من الاعوجاج، وطالها القدم والتمزق، بل أن إطارها متآكل بشكل يؤكد أن وطنية المشرف على المعرض مكذوبة وزائفة، أو شكلية فقط، سقطت في نظام التنظيم الشكلي الأجوف، وليس بما تتقتضيه سيميائيات المشهد الثقافي، الذي يبدأ بالشكل الجميل وينتهي بالمضمون الأجمل، أو ماتعلق بهيمنة القصص المسلية للأطفال على المعرض كمحطة أساسية، تتقاطع فيها كل الأعمار والتوجهات الثقافية ٠
إن تنظيم معرض الكتاب الجهوي محطة مهمة تدفع القارئ إلى التمسك بالكتاب/المُنقذ من الجهل، والأنيس في الغربة، والصاحب في السفر والخلوات…
لكن بأي معنى؟
هذا هو الأساس٠
فقد دفعني فضولي إلى زيارته مساء هذا اليوم صحبة بعض المستشارين، لاستكناه أروقته بغية الاستئناس بكتبه ومراجعه، فكانت الصدمة الكبرى، حيث لم نجد رواقا واحدا نحتكم من خلاله إلى كتاب قيم نصطحبه، ونستجلي به جهلنا لبعض الأمور، إلا رواقا واحدا به بعد الكتيبات القديمة، الشيء الذي يؤكد أنه فعلا ثقافة الشكل المهترىء، والعناوين الفضفاضة هي المسيطرة على الموقف، أي التسلية بعنوان من قيمة (المعرض الجهوي للكتاب)، إذ من الواضح أن المعرض تم تنزيل أروقته دون تنسيق مع أهل الاختصاص، أي فيدرالية الناشرين والعارضين والتجار المتخصصين٠
طالعتنا لافتة المعرض الجهوي للكتاب ولم نر من الجهة إلا الاسم، باعتباره مؤسسة دستورية منتخبة تملك جهوية القرار المالي والإداري، ويتم تصريفه خدمة لمدينة الغبار، ومدينة الأورانيوم، وشهداء (الحشًة)، وعمال أهل العتمات، وأهل الفؤوس ٠
أن تنظموا معرضا للكتاب بخريبكة معناه ياسادة أن توسموه بلمسة خريبكية دائمة ومشرفة، تكون مرجعا للمعرض الذي يليه في نسخته الموالية.
أن تنظموا معرضا جهويا ياسادة معناه أن تحافظوا على هويته الخريبكية، وقيمته الثقافية وجماليته المعهودة.
أن تنظموا معرضا تحت إشراف مديرية وزارة الثقافة معناه إشراك المثقفين الحقيقيين الذين تحرقهم الكلمة، ويظنيهم تهميشها في صمت، ويبكيهم احتقارها في شجون قاتل، أو حديث صادق بقهوة صباحية حزينة.
إن تنظيم معرض الكتاب الجهوي بخريبكة خُطوة إيجابية تحتاجها المدينة، لكن قبل ذلك تحتاج الى جرأة كبيرة في التنظيم بإشراك كل فعاليات المدينة والجسم الإعلامي بها. فقد يوجد في النهر ما لايوجد في البحر يا سيدتي!!!.