إنسانٌ بقلبِ خنزيرٍ

15 يناير 2022
إنسانٌ بقلبِ خنزيرٍ
سعيد جعفر

تثبيت قلب خنزير في جسد إنسان يسائل الفقهاء أكثر مما يسائل الأطباء الذين أجروا العملية ونجحوا نجاحا باهرا في ذلك.

بدون شك هذا إنجاز علمي كبير وكبير جدا لأنه يوضح لنا إلى أية نقطة يمكن أن يصل العلم ويمكنه أن يصل مستقبلا، وقد نرى مستقبلا عمليات أعقد وأعقد.

إن زرع قلب خنزير لإنسان وتأكد نجاح الأمر يسائل العقل الفقهي الذي سيجد نفسه محرجا في تكييف هذا النجاح. هل سيعتبر زرع قلب شيئا محمودا لأنه يخدم الإنسان ويصون الحياة، أو سيعتبر العملية كلها حراما قياسا على استخدام شيء محرم هو لحم الخنزير؟

وسواء كان رأيه الأول أو الثاني فالفقيه يوجد في مأزق نظري كبير، فقوله بقبول استخدام الخنزير في العملية سيجعله مناقضا لمنطلقه في تحريم الخنزير باطلاقية، وتحريمه للعملية ككل سيجعله في تصادم مع العلم الذي يدعو الدين للعمل به.

إن سبب مأزق الفقيه ليس تحليله ولا تحريمه، وهي على كل حال حدود دينية طبيعية، ولكن مأزقه في سعيه الدائم وحتى المرضي لجعل هذه الحدود سرمدية ومفارقة للواقع وللأزمنة مما يحولها إلى عقائد مطلقة لا تقبل النقاش والتعديل.

لقد تجاوزت المسيحية مثلا هذا المأزق عندما جعلت العقائد والحدود تحت سلطة الواقع والعقل فتطورت في تكييفها ونسبيتها وبالتالي كان عاد جدا تطور الواقع والدين في نفس الوقت، ولعمري هذه هي أزمة العقل الفقهي الإسلامي الذي يتوهم كل يوم أن الاسلام صالح لكل زمان ومكان، وهو يخطئ كل يوم بأن الصالح فيه دائما هو روحيته الواقعية الدينامية وليس فقهيته الجامدة والفجة.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق