الخبرية
مخلفة وراءها مشاعر الخوف والارتباك، غير آبهة بمصاعب العلو والارتفاع، تصعد الرقيب الأول مليكة لحمر، المظلية عضو الفريق النسوي للقفز المظلي التابع للواء الأول للمشاة المظليين، الطائرة بكل شجاعة وإقدام، لا لسفر أو رحلة، بل لممارسة رياضة القفز الحر بالمظلة، التي تعشقها وحققت فيها إنجازات مشرفة.
باللواء الأول للمشاة المظليين، التابع للقوات المسلحة الملكية التي تحتفل على غرار باقي المؤسسات الوطنية باليوم العالمي للمرأة، تمضي مليكة، الشابة ذات الثلاثين ربيعا، يومها بين دروس نظرية وتمارين رياضية وتداريب تطبيقية عبر جهاز محاكاة القفز المظلي، لتحسين لياقتها البدنية وتطوير أدائها في رياضة القفز الحر، يدفعها إلى ذلك حب التجربة وروح المغامرة التي قادتها في الأصل لصعود سماء القفز الحر.
إنها تجربة متفردة، لا يمكن خوضها بالصدفة، تقول الرقيب الأول مليكة بكل ثقة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بل يحركها عشق التميز وحب الاستكشاف والفضول، الذي لا يدوم دون إصرار على تذليل أي عقبة قد تحول دون المضي قدما في بلوغ الهدف المنشود.
ولعل فخر مليكة بالبذلة العسكرية وشغفها باختيارها، ومن دون شك مثابرتها، حركا فيها، وفي زميلاتها أعضاء الفريق، حماسة عالية وأذكيا فيهن روح الوطنية، لتمثلن المغرب في محفل دولي مرموق شاركت فيه فرق عالمية على أعلى مستوى، فتوجن بالميدالية الذهبية لبطولة العالم العسكرية لسنة 2019 والتي أقيمت بالصين.
“لا يمكن إلا أن أكون فخورة بهذا التتويج، بالنظر لحدة المنافسة، فالأمر لم يكن هينا”، تبوح مليكة، “كان أداؤنا مشرفا بفضل التداريب المكثفة التي نتلقاها ومعدات وتقنيات المحاكاة الأحدث على المستوى العالمي المعتمدة باللواء، لا سيما النفق الهوائي الذي ساعدنا بشكل كبير في تطوير أدائنا، فضلا عن مجهودات الأطر العسكرية والمدربين”.
التحقت مليكة، ابنة مدينة تيفلت، بعد حصولها على شهادة البكالوريا، بصفوف القوات المسلحة الملكية، اللواء الأول للمشاة المظليين سنة 2009، وحظيت بتشجيع كبير من قبل الأطر العسكرية على امتداد 11 سنة التي أمضتها باللواء، لتحصل على شهادة المظلي بعد القيام بعدد من القفزات، ولتتاح لها إمكانية الحصول على صفة مظلي قافز حر.
وتقر مليكة، وبنظرة خجولة تغلفها روح مرحة جعلت صديقاتها يتحلقن حولها كلما فرغن من تدريب أو تمرين، بأن الشعور بالخوف كان لا بد أن يراودها في بداياتها، كإحساس حتمي يسبق أي تجربة جديدة عادية، فكيف الأمر والأمر يتعلق بتحدي القفز الحر من علو قد يصل إلى أربعة آلاف متر، لكن ثقتها بنفسها واستفادتها من تجربة سلفها شكلت عامل اطمئنان وأمان، خاصة أن اللواء يعتمد أحدث المعدات في مجال الطيران والقفز المظلي.
وسرعان ما تخطت المظلية الشابة عثرات البدايات، لتمضي بعزم في مسارها الرياضي العسكري بجدية وتفان، فتؤكد جاهزيتها لخوض غمار مختلف التظاهرات الرياضية، التي استأثر الإعداد لها بساعات طوال من وقتها.
غير أن تفانيها في أداء واجبها العسكري، وتطلعها المتواصل لتحقيق الأفضل، لم ينل من إيمانها بواجبها تجاه نصفها الآخر، وهو عسكري يتفهم إكراهات العمل ويعتز في الآن ذاته بإنجازات رفيقة دربه، ” أستطيع التوفيق بين عملي وحياتي الخاصة وواجباتي الاجتماعية، لكن بجهد جهيد، سيما أنني أضطر للتنقل خارج المغرب”، توضح مليكة التي كشفت عن براعتها في إعداد أشهى الأطباق المغربية .
وبنبرة واثقة، أبت الرقيب الأول، مليكة لحمر، إلا أن تغتنم مناسبة الثامن مارس، لتهنئ نساء العالم ونساء المغرب على الخصوص، عسكريات ومدنيات لما حققنه من إنجازات ومكتسبات، وتدعوهن للتطلع دائما للقمة، متسلحات بالثقة والإيمان بالقدرة على تحقيق الأفضل.